Thursday, 4 October 2012

بلاغ الى فضيلة شيخ الازهر



بقلم : د/ خالد منتصر


كتب الاستاذ انور وجدى فى عموده الاسبوع الماضى متسائلا عن سبب تخلفنا ، و انطلق من حادثتين التقطهما بمنتهى الذكاء ، الاولى هى تصريح د.فاروق الباز و حديثه عن عقدة المؤمرة التى تتلبسنا و التى ادت بنا ان نتخلف و نصبح فى الدرك الاسفل و ذهلنا فيه بالمقارنة المخجلة بين عدد براءات الاختراع العربية و الكورية و الحادثة الثانية هى الهجوم الذى تعرض له الكاتب اسمة انور عكاشة من بعض رجال الدين لانه تعرض بالنقد للصحابى هو عمربن العاص ، و اعتقد ان الربط بين الحادثتين مهم لتشخيص المرض العربى الذى جعلنا فى اخر طابور العالم بل تشيرالتنبؤات باننا سنلقى مصير الهنود الحمر قريبا ! و بنظرة سريعة على منهج تعليم ازهرى درسة 99% ممن يحملون على عاتقهم مسئولية تنويرنا الدينى و الفكرى و الذين يملكون منابر اقوى من جميع الاحزاب المصرية مجتمعة ، تعالوا نطلع معا على الكتب التى يقرأها هؤلاء و تشكل وعيهم و ماذا تقدم من فكر و سنعرف و سيعرف معنا الاستاذ انور وجدى لماذا تخلفنا ؟ ولماذا تم اغتيال المنهج العلمى فى بلادنا ؟ وسنعود فى تلك القراءة لكتب الفقه المقررة على المدارس الازهرية مثل " الروض المربع بشرح زاد المستنقع " وهو للمذهب الحنبلى و تم تأليفة منذ اربعة قرون و كتاب المذهب الشافعى " الاقناع فى حل الفاظ ابى شجاع " و تم تأليفه ايضا منذ اكثر من اربعة قرون وكتاب المذهب الحنفى " الاختبار لتعليل المختار " و هو مؤلف منذ اكثر من خمسة قرون اما احدثهم و هو كتاب المذهب المالكى " المقرر من الشرح الصغير " فهو مؤلف منذ قرنين ! و بالطبع اول ما سيفاجئنا هو هذه المدد الزمنية البعيدة التى لابد ان تحمل معها الغريب من الالفاظ و المهجور من الافكار التى طالما نادى المستنيرون من المسلمين بتطويرها و من اهم الدراسات التى ناقشت هذا التغيير دراسة علاء قاعود و احمد صبحى منصور و سليم العوا و طارق البشرى و ايضا شيخ الازهر نفسه الذى نادى كثيرا بالتغيير و هاجمه المتزمتون و سنحاول التركيز على اشياء محددة بعينها فى هذه المناهج نستطيع ان نخلص منها الى خطورة تبنيها و الاعتماد عليها لانها ببساطة هى تفريخ منظم الارهاب الخفى أو على الاقل افراز مستمر للجمود و التزمت و هذه الاشياء هى :

1.     الحشو و اللغو و غريب القول :

فى القرن الواحد و العشرين يقرأ تلاميذ الازهر عن كيفية الطلاق اذا قال الرجل لزوجته سأطلقك اذا كان هذا الطائر المجهول غرابا و يظل التلاميذ يحلون هذا اللغز العويص عن ماذا لو طلع الغراب فعلا وما هو الحل اذا ظهر ابوقردان مثلا ؟! " صفحة 377 الروض المربع " و ماذا نفعل نحن المساكين الذين امرنا بأن نسجد على سبعة اعظم هى الجبهة و اليدين و الركبتين و اطراف القدمين ، ماذا يفعل من خلق برأسين و اربع ارجل ؟ " ص 205 نفس الكتاب " بالذمة ده كلام انا مش حاقول حاجة و اترك لكم الرد على هذا الخيال الهوليودى المحلق !! و بالذمة ماذا يستفيد اطفالنا و شبابنا من قراءة كلمات غريبة مهجورة مثل لا يجوز لبس السرموزة و الجمجم ، او لاباس على المرأة ان تصل شعرها بقرامل و هى الاعقصة ، و يجوز المسح على الجرموق و يحب ان يعرف عفاصها ..الخ اما المقاييس و الانصبة و الاوزان و المكاييل التى تستعملها تلك الكتب فهى كطلاسم اللغة الهيروغليفية او شفرات اللغة الصينية فمازال الطلبة مطالبين بالقياس بالقلة و الوزن بالرطل الدمشقى و المثقال العراقى او قصر الصلاة اذا كانت المسافة ستة عشر فرسخا و الكيال من اجل الزكاة هو السق الذى هو ستون صاعا يا سلام قال احنا عارفين الصاع اصلا و لابد ان نأخذ فى الاعتبار الدرهم الأسلامى الذى هو ستة دوانق !!! وهذه مجرد عينة بسيطة جدا من تلك الالفاظ الغريبة المهجورة و الالغاز الشاذة المطالب بحفظها و حلها الغلابة من ابنائنا و اخوتنا طلبة الازهر اما السلوكيات و العادات التى كانت بنت وقتها فهى ايضا مشروحة بالتفصيل الممل ، و الكارثة انها تقدم فى شكل اوامر فقهية واجبة الطاعة ففى باب وليمة العرس و اداب الاكل " الاكل مما يليه بثلاثة اصابع وتخليل ما علق بالاسنان و مسح الصحفة و اكل ما تناثر و الشرب مصا......الخ و فى كتاب البيع يحرم التسعير و يحرم بيع الكلب و فى فصل صلاة الجنازة ص 328 من المقرر الشافعى " ان ترك المريض التداوى فهو افضل " يعنى الاحسن نلغى التأمين الصحى من مدارس الازهر و نستريح و نوفر و عندما يذكر الكتاب شروط من تقبل شهادته يؤكد على انه لا شهادة لمغن او لمن يأكل بالسوق يعنى بأختصار لا شهادة للسيدة ام كلثوم و بالطبع هشام عباس و امثاله من الصابئة ، طبعا الشهادة لحضرتك قارئى العزيز فى المحاكم  لاننى متأكد من انك قد تناولت على الاقل سندوتش طعمية او كنتاكى فى الشارع ! وبذلك تكون قد خسئت و صرت من مساخر البشر الذين لا تقبل شهادتهم حسب قوانين كتب الازهر الشريف .

2.     مخالفة العلم الحديث :

تصدمنا مقررات الفقه فى الازهر انها لا تجافى فقط اللغة الحديثة و انما تجافى و تخاصم العلم الحديث فالمهم عندهم هو ماذا قيل فى الكتب القديمة و ليس ما قيل فى محافل العلم الحديث فاعظم ما يجتهد فيه التيار المحافظ فى الازهر هو شرح الشرح و تلخيص التلخيص و طبخ ما سبق طبخة و تقديمة للطلبة فى وجبة " بايتة " و عليهم ان يأكلوها بل و بنفس مفتوحة و الامثلة على تجاوز العلم لما تقوله هذه الكتب كثيرة و اضخم من ان تضمها صفحات جريدة و لذلك سنقتبس فقط بعضها ليدل البعض على فداحة الكل فنقرأ مثلا فى صفحة 389 من كتاب الفقه الحنبلى السابق ذكره ان اقصى مدة للحمل هى اربع سنين ! فهل هذا معقول واذا كان مؤلف الكتاب معذور لانه الف هذا منذ اربعة قرون فالازهر مقصر و غير معذور فى تبنيه لمثل هذا الهراء العلمى و فى ص 119 يتحدث الكتاب عن التداوى ببول الابل ... و فى ص 50 فى باب الاذان يسن للمؤذن ان يجعل سبابتيه فى اذنيه لانه ارفع للصوت و فى ص 72 تبطل الصلاة بمرور كلب اسود لانه شيطان و الكلام الغريب عن دم الحيض الذى يقول عنه الكتاب فى صفحة 43 انه يخرج من قعر الرحم لحكمة غذاء الولد و تربيته و هو كلام كوميدى عفا عليه الزمن و فى كتاب الجنائز عن علامات الموت يقول انه يعرف بانخساف الصدغين و ميل الانف و انفصال الكف و استرخاء الارجل ص120 ! و هو ما اعتمد عليه الفقهاء المحافظون فى تأخير قانون زراعة الاعضاء و رفض الموت الاكلينيكىالذى تحدده احدث الاجهزة الطبية و فى كتاب المذهب الشافعى نفس الكلام المجافى للعلم مثل يستثنى من النحس الميتة التى لا دم لها سائل مثل القمل و البرغوث و ان الماء بالليل مأوى الجنص 76 و ان التنشيف بذيل الثوب بعد الوضوء يورث الفقر ص 69 ولابد من طى الثياب ليلا حتى لا يتلبسها الجن ليلا ص 310 و فى ادب قضاء الحاجة ص 80 " يكره حشو مخرج البول من الذكر بالقطن و اطالة المكث فى محل قضاء الحاجة لانه يورث وجعا فى الكبد " و حتى الظواهر الطبيعية لم تسلم من الشطح فالرعد ملك و البرق اجنحته يسوق بها السحاب " ص 302 و اقرأوا هذا التعريف العجيب للنوم الذى كتب فى ص 84 بأنه استرخاء اعصاب الدماغ بسبب رطوبات الابخرة الصاعدة من المعدة !! اعتقد اننى استنفدت علامات التعجب كلها فمعذرة ، اما تعريف الجنون فى نفس الكتاب فهو تعريف " انقح و اقوى " فهو زوال الشعور من القلب مع بقاء الحركة و القوة فى الاعضاء اما الشرط  الذى وضعه كتاب المذهب المالكى للتوأم فهو من اعجب الشروط فهو يقول  فى ص 79 " و التوأمان الولدان فى بطن اذا كان بينهما اقل من سته اشهر ! و بالطبع لابد ان يراجع هذا الكلام العجيب ما ينافى منه العلم الحديث يتم شطبه فليس معنى ان هذا الكلام قد قاله القدماء ان نقول له امين و نخلع عقولنا على بابه .

3.     وضع المرأة المهين :

لم يتعرض كائن للاهانة و المهانة مثلما تعرضت له المرأة على ايدى الفقهاء القدماء و برغم انصاف القرآن و الرسول – صلى الله عليه و سلم – لها الا ان التراث البدوى الجامد و الاعراف و التقاليد الصحراوية كانت احيانا اقوى و اعنف و فى كتب الفقه المقررة على المدارس الثانوية امثلة لا تحصى على هذه المهانة التى تعامل بها المرأة المسلمة فيكفى ان نقرأ ص 125 من كتاب الروض المربع بأن الزوج لا يلزمه كفن امرأته اى ليس واجبا عليه دفع ثمن كفن زوجته ! اما السبب فيورده الكتاب قائلا " لان الكسوة وجبت عليه بالزوجية و التمكن من الاستمتاع و قد انقطع ذلك بالموت " يعنى تخيلوا معيا الست اللى عاشت تخدم الراجل عمرها كله مش ضرورى يدفع لها الكفن لانه تزوجها علشان المتعة فقط ! و فى نفس الكتاب تحت عنوان النفقات نقرأ " لا يلزم الزوج لزوجته دواء و أجرة طبيب اذا مرضت لان ذلك ليس من حاجتها الضرورية المعتادة و فى ص 355 له ان يمنعها من حضور جنازة ابيها او امها و منعها من ارضاع ولدها من غيره يعنى ببساطة ممارسة سادية و خلاص ، وله ايضا ان يضربها ضربا غير المبرح عندما ترد عليه بتبرم ، وعارفين الضرب غير المبرح الذى يقرره الكتاب انه عشرة اسواط يعنى اقل من دستة كرابيج ! وطبعا ديتها نصف دية الرجل ص 417 و حتى العقيقة اقل – مش ست تستاهل – ففى الذكر شاتان و فى الجارية شاه ، اما فى باب عشرة النساء فستقرا العجب العجاب ، و يجيز الكتاب التزوج بفتاة عمرها اقل من تسع سنين ص 370 و تمتلىء الكتب المقررة بكلام سخيف عن الجوارى و احكام الزواج منهن و ديتهن و عوراتهن التى تختلف عن عورة الحرة .. الخ و اغرب ما قرأته عن الزواج كان تفضيل الزوجة يتيمة الام و ليست يتيمة الاب لان الام تفسد الزوجة و بالطبع يضيق المجال عن ذكر كوارث اخرى فيما يخص المرأةو الله يكون فى عون تلميذات الازهر اللاتى تتم اهانتهن و مرمطتهن  فى هذه الكتب كل حصة .
و اعتقد ان شيخ الازهر لا يوافق ايضا على ان تزدحم كتب الفقه باحكام الرق و العبيد و نحن فى القرن الواحد و العشرين و فى ظل مواثيق حقوق الانسان التى وقعت عليها مصر و التفسير موجود عند واحد فقط هو شيخ الازهر الذى لا افهم كيف يرضى عن هذا المنهج فى التفكير .
ولذلك كتبنا هذا التحقيق لتناقش القضية بشكل اوسع لانها هى قضية مجتمع اما ان تنفتح له ابواب المستقبل او يظل قابعا فى كهف الماضى يجتر خرافات و يموت باسفكسيا الجهل .